1 min read
16 Mar
16Mar

الضوء والرؤية

إنّ خاصيّة الرؤية تنتج بفعل التفاعل المعقّد الذي يحدث بين كم من الضوء والعينين والدّماغ، فالكائنات الحيّة تتمكّن من الرؤية بسبب انتقال الضوء الخاص بالأشياء عبر الفضاء الموجود حولها وصولاً إلى العينين، فلن يكون هُناك رؤية دون الضوء،.

ونرى الضوء بشكلٍ أساسيّ وغير مباشرٍ كل يوم في حياتنا، وذلك عن طريق مشاهدة الأشياء من حولنا، فالضوء هو الذي يجعل الألوان، والمواد، والأشكال والمساحات، ظاهرة من حولنا، كما يؤثّر على الطريقة التي نرى بها الأشياء والمساحات، حيث إنّ نوع الضوء هو الذي يحدد كيف تظهر الأشياء، بالإضافة إلى تأثّره بالأشياء وشكلها وتكوينها، وأيضاً يدخل تأثير الطريقة التي يقوم بها الدماغ بمعالجة الضوء، حيث تؤدّي هذه المكوّنات إلى حدوث تفاعل معقّد فيما بينها، ولذلك وللباحثين عن تصميم الضوء فإنّه أمر معقد حيث إنّ لكل شيء تأثير على الآخر.

طريقة عمل عين الإنسان للرؤية 

تدخل أشعّة الضوء إلى العين عن طريق القرنيّة؛ وهي النافذة الواضحة في مقدّمة العين، حيث تُسبب قوّة الانكسار في القرنيّة انحناء أشعّة الضوء الساقطة، وبالتالي تمر الأشعّة بشكلٍ حر من خلال بؤبؤ العين الواقع في وسط القزحيّة والتي يدخل الضوء إلى العين عن طريقها.

تشبه القزحيّة غالق الكاميرا في عملها، حيث إنّها تتميّز بقدرتها على التكبير والتصغير اعتماداً على كميّة الضوء الداخلة إلى العين.

يشير مفهوم القرنيّة تحديداً إلى النافذة الشفافة في الكيس الأبيض الذي يغطّي العين، والذي يُمكّن الأشياء المحيطة بنا والتي نريد أن نراها تنتقل على شكل موجات من الضوء إلى المناطق الداخليّة في العين، حيث يبدأ الضوء رحلته إلى داخل العين عن طريق سطح القرنيّة، فالوظيفة الرئيسيّة للقرنيّة هي جمع وتركيز الصور المرئيّة، وذلك لموقعها في المقدمة الخارجيّة، فهي تعمل كالزجاج الأماميّ للسيارات، والذي يتعرّض إلى العديد من الأشياء الخارجيّة.

أمّا التصميم فإنّها مصممةً ببراعةٍ حيث إنّه لا يمكن المطابقة بينها وبين أدق أنواع العدسات المصنوعة يدوياً، فهي تتميّز بالنعومة والشكل الفريد بالإضافة إلى الشفافية التي تساهم في الأداء السليم للعين، وفي حالة حدوث اضطراب في سطح القرنيّة أو وضوحها فستتعطّل عمليّة الرؤيّة.

تمر أشعّة الضوء عبر العدسة البلوريّة الطبيعيّة للعين بعد مرورها عبر القزحيّة، حيث تعمل هذه العدسة كعمل العدسة في الكاميرا العاديّة، فتقوم بتقصير وإطالة عرضها من أجل تركيز أشعّة الضوء الساقطة بالشكل الصحيح، ثمّ تمر الأشعّة الضوئيّة عبر مادةٍ شفافةٍ تُشبه المادّة الهلاميّة وتُسمّى الجسم الزجاجيّ الذي يملأ الفراغ الموجود في مقلة العين؛ ويساهم في المحافظة على شكلها الكرويّ.

تأتي الأشعّة الضوئيّة إلى نقطة تركيز حادّة على شبكيّة العين في العين العاديّة، حيث يتشابه عمل الشبكيّة مع عمل الفيلم في الكاميرا بشكلٍ كبير؛ فهي الجزء المسؤول عن التقاط جميع الأشعّة الضوئيّة، ومعالجتها بنبضات عصبيّة خفيفة عبر الملايين من النهايات العصبيّة الصغيرة، ثمّ إرسال هذه النبضات إلى العصب البصريّ عن طريق أكثر من مليون ليفاً عصبياً.

تدخل الأشعّة الضوئيّة إلى العين من خلال زوايا مختلفة، وذلك بسبب الشكل المخروطيّ وغير المنتظم لقرنيّة العين، كما أنّ الشبكيّة لا تركّز على نقطةٍ واحدةٍ بل على العديد من النقاط المختلفة مما يسبب ظهور الصورة بشكلٍ غير واضح، وبالتالي فإنّ القرنيّة هي الواجهة الأماميّة الشفافة للعين حيث إنها تسمح بدخول الضوء ثمّ تبدأ عمليّة الانكسار، بالإضافة إلى أنها تحمي من دخول الأجسام الغريبة إلى العين.

أمّا البؤبؤ فهو فتحةً قابلةً للتغيير تتحكّم في شدّة الضوء الساقطة على العدسة، حيث تركّز العدسة الضوء عن طريق الجسم الزجاجيّ الذي يدعم الشبكيّة، ثمّ تتلقّى الشبكيّة الصورة التي تركّز القرنيّة عليها عن طريق عدسة العين الداخلية، ثمّ تقوم بتحويل تلك الصورة إلى نبضات كهربائيّة تُنقل إلى الدماغ عن طريق العصب البصريّ، وعلى الرغم من قدرة الإنسان على تحمّل ندبٍ كبيرة جداً في جسمه إلّا أنّ أي ندبةٍ صغيرةٍ أو اختلال في شكل القرنيّة قد يؤدّي إلى إضعاف الرؤية، حيث تتأثر الرؤية في حالة تشوّه أو تشوّش القرنيّة حتى وإن كانت باقي أجزاء العين سليمة، فإنّ الشكل غير المنتظم للقرنيّة سيفقدها القدرة على العمل بالشكل الصحيح، وبالتالي تشويه الصورة التي مرّت عبر شبكيّة العين ونُقلت إلى الدماغ.

الرؤية أثناء الليل يُمكننا الرؤية حتى عندما نكون في مكان مظلمٍ وبعيد عن الضوء، ولكننا لا نستطيع رؤية ألوان الأشياء بشكلٍ جيّد، حيث إنّ هناك نوعين من الأجهزة ذات الحساسية للضوء في ظهر العين؛ الأوّل على شكل قضيب، والآخر مخروطيّ الشكل، وكلاهما حساسّان للضوء، ولكن الفرق بينهما هو أنّ القضبان تسمح لنا برؤية الضوء الخافت جداً دون القدرة على تمييز اللون، أمّا المخاريط فتسمح برؤية اللون ولكن لا تعمل في الضوء الخافت؛ وبالتالي عند الظلام تفقد المخاريط قدرتها على الاستجابة إلى الضوء، أما القضبان فتحافظ على قدرتها في الاستجابة للضوء المتاح، ولكن يبدو لنا أنّنا نرى الظلام بسبب عدم قدرتها على رؤية الألوان وبالتالي تظهر كل الأجسام باللون الأسود والأبيض والرماديّ.

كما أننا نرى الأشياء بشكلٍ أوضح في الضوء الخافت وذلك لأنّ القضبان هي أكثر حساسيّة للضوء والأكثر تركيزاً في الجزء الخلفيّ من العينين، وللتأكّد من ذلك يمكن الخروج في ليلة واضحة جداً، وملاحظة كيف يمكن للعين أن ترى لوناً صغيراً جداً، كما يمكنها رؤية الأشياء كالنجوم خافتة الإضاءة عبر زاوية العين أكثر من مركزها

Comments
* The email will not be published on the website.